Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة هود - الآية 7

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۗ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ (7) (هود) mp3
يُخْبِر تَعَالَى عَنْ قُدْرَته عَلَى كُلّ شَيْء وَأَنَّهُ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام وَأَنَّ عَرْشه كَانَ عَلَى الْمَاء قِيلَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة حَدَّثَنَا الْأَعْمَش عَنْ جَامِع بْن شَدَّاد عَنْ صَفْوَان بْن مُحْرِزٍ عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْن قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اِقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيم " قَالُوا قَدْ بَشَّرْتنَا فَأَعْطِنَا قَالَ " اِقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْل الْيَمَن" قَالُوا قَدْ قَبِلْنَا فَأَخْبِرْنَا عَنْ أَوَّل هَذَا الْأَمْر كَيْف كَانَ ؟ قَالَ " كَانَ اللَّه قَبْل كُلّ شَيْء وَكَانَ عَرْشه عَلَى الْمَاء وَكَتَبَ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ ذِكْر كُلّ شَيْء ". قَالَ : فَأَتَانِي آتٍ فَقَالَ يَا عِمْرَان اِنْحَلَّتْ نَاقَتك مِنْ عِقَالهَا قَالَ فَخَرَجْت فِي إِثْرهَا فَلَا أَدْرِي مَا كَانَ بَعْدِي ; وَهَذَا الْحَدِيث مُخَرَّج فِي صَحِيحَيْ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم بِأَلْفَاظٍ كَثِيرَة فَمِنْهَا قَالُوا جِئْنَاك نَسْأَلك عَنْ أَوَّل هَذَا الْأَمْر فَقَالَ " كَانَ اللَّه وَلَمْ يَكُنْ شَيْء قَبْله وَفِي رِوَايَة - غَيْره - وَفِي رِوَايَة - مَعَهُ - وَكَانَ عَرْشه عَلَى الْمَاء وَكَتَبَ فِي الذِّكْر كُلّ شَيْء ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض " وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" إِنَّ اللَّه قَدَّرَ مَقَادِير الْخَلَائِق قَبْل أَنْ يَخْلُق السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِخَمْسِينَ أَلْف سَنَة وَكَانَ عَرْشه عَلَى الْمَاء " وَقَالَ الْبُخَارِيّ فِي تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَان أَخْبَرَنَا شُعَيْب أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَاد عَنْ الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْفِقْ أُنْفِق عَلَيْك " . وَقَالَ " يَد اللَّه مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ " وَقَالَ " أَفَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَمِينِهِ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ " . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا يَزِيد بْن هَارُون أَخْبَرَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ يَعْلَى بْن عَطَاء عَنْ وَكِيع بْن عَدْس عَنْ عَمّه أَبِي رَزِين وَاسْمه لَقِيط بْن عَامِر بْن الْمُنْتَفِق الْعُقَيْلِيّ قَالَ : قُلْت يَا رَسُول اللَّه أَيْنَ كَانَ رَبّنَا قَبْل أَنْ يَخْلُق خَلْقه ؟ قَالَ " كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا تَحْته هَوَاءٌ وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ بَعْدَ ذَلِكَ " . وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير وَابْن مَاجَهْ فِي السُّنَن مِنْ حَدِيث يَزِيد بْن هَارُون بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حَسَن وَقَالَ مُجَاهِد " وَكَانَ عَرْشه عَلَى الْمَاء" قَبْل أَنْ يَخْلُق شَيْئًا وَكَذَا قَالَ وَهْب بْن مُنَبِّه وَضَمْرَة وَقَتَادَة وَابْن جَرِير وَغَيْر وَاحِد وَقَالَ قَتَادَة فِي قَوْله" وَكَانَ عَرْشه عَلَى الْمَاء " يُنَبِّئكُمْ كَيْف كَانَ بَدْء خَلْقه قَبْل أَنْ يَخْلُق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَقَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس" وَكَانَ عَرْشه عَلَى الْمَاء " فَلَمَّا خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض قَسَمَ ذَلِكَ الْمَاء قِسْمَيْنِ فَجَعَلَ نِصْفًا تَحْت الْعَرْش وَهُوَ الْبَحْر الْمَسْجُور . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس إِنَّمَا سُمِّيَ الْعَرْش عَرْشًا لِارْتِفَاعِهِ وَقَالَ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد سَمِعْت سَعْدًا الطَّائِيّ يَقُول : الْعَرْش يَاقُوتَة حَمْرَاء وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِي قَوْله تَعَالَى " هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام وَكَانَ عَرْشه عَلَى الْمَاء " فَكَانَ كَمَا وَصَفَ نَفْسه تَعَالَى إِذْ لَيْسَ إِلَّا الْمَاء وَعَلَيْهِ الْعَرْش وَعَلَى الْعَرْش ذُو الْجَلَال وَالْإِكْرَام وَالْعِزَّة وَالسُّلْطَان وَالْمُلْك وَالْقُدْرَة وَالْحِلْم وَالْعِلْم وَالرَّحْمَة وَالنِّعْمَة الْفَعَّال لِمَا يُرِيد ; وَقَالَ الْأَعْمَش عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ : سُئِلَ اِبْن عَبَّاس عَنْ قَوْل اللَّه " وَكَانَ عَرْشه عَلَى الْمَاء " عَلَى أَيّ شَيْء كَانَ الْمَاء ؟ قَالَ عَلَى مَتْن الرِّيح وَقَوْله تَعَالَى " لَيَبْلُوكُمْ أَيّكُمْ أَحْسَن عَمَلًا " أَيْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض لِنَفْعِ عِبَاده الَّذِينَ خَلَقَهُمْ لِيَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَلَمْ يَخْلُق ذَلِكَ عَبَثًا كَقَوْلِهِ " وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْل لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ النَّار " وَقَالَ تَعَالَى " أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّه الْمَلِك الْحَقّ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ رَبّ الْعَرْش الْكَرِيم " وَقَالَ تَعَالَى " وَمَا خَلَقْت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " الْآيَة ; وَقَوْله " لِيَبْلُوَكُمْ " أَيْ لِيَخْتَبِركُمْ" أَيّكُمْ أَحْسَن عَمَلًا " وَلَمْ يَقُلْ أَكْثَر عَمَلًا بَلْ أَحْسَن عَمَلًا وَلَا يَكُون الْعَمَل حَسَنًا حَتَّى يَكُون خَالِصًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى شَرِيعَة رَسُول اللَّه فَمَتَى فَقَدَ الْعَمَلُ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ حَبِطَ وَبَطَلَ . وَقَوْله " وَلَئِنْ قُلْت إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْد الْمَوْت " الْآيَة. يَقُول تَعَالَى وَلَئِنْ أَخْبَرْت يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّ اللَّه سَيَبْعَثُهُمْ بَعْد مَمَاتهمْ كَمَا بَدَأَهُمْ مَعَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّه " " وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَسَخَّرَ الشَّمْس وَالْقَمَر لَيَقُولُنَّ اللَّه " وَهُمْ مَعَ هَذَا يُنْكِرُونَ الْبَعْث وَالْمَعَاد يَوْم الْقِيَامَة الَّذِي هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقُدْرَة أَهْوَن مِنْ الْبُدَاءَة كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ وَهُوَ أَهْوَن عَلَيْهِ " وَقَالَ تَعَالَى " مَا خَلْقكُمْ وَلَا بَعْثكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَة " وَقَوْلهمْ " إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْر مُبِين" أَيْ يَقُولُونَ كُفْرًا وَعِنَادًا مَا نُصَدِّقك عَلَى وُقُوع الْبَعْث وَمَا يَذْكُر ذَلِكَ إِلَّا مَنْ سَحَرْته فَهُوَ يَتَّبِعك عَلَى مَا تَقُول .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • هذه نصيحتي إلى كل شيعي

    هذه نصيحتي إلى كل شيعي: قال المؤلف - حفظه الله -:- « فإني كنت - والحق يقال - لا أعرف عن شيعة آل البيت إلا أنهم جماعة من المسلمين يغالون في حب آل البيت، وينتصرون لهم، وأنهم يخالفون أهل السنة في بعض الفروع الشرعية بتأولات قريبة أو بعيدة؛ ولذلك كنت امتعض كثيرا بل أتألم لتفسيق بعض الأخوان لهم، ورميهم أحيانا بما يخرجهم من دائرة الإسلام، غير أن الأمر لم يدم طويلا حتى أشار علي أحد الإخوان بالنظر في كتاب لهذه الجماعة لاستخلاص الحكم الصحيح عليها، ووقع الاختيار على كتاب (الكافي) وهو عمدة القوم في إثبات مذهبهم، وطالعته، وخرجت منه بحقائق علمية جعلتني أعذر من كان يخطئني في عطفي على القوم، و ينكر علي ميلي إلى مداراتهم رجاء زوال بعض الجفوة التي لاشك في وجودها بين أهل السنة وهذه الفئة التي تنتسب إلى الإسلام بحق أو بباطل، وهاأنذا أورد تلك الحقائق المستخلصة من أهم كتاب تعتمد عليه الشيعة في إثبات مذهبها وإني لأهيب بكل شيعي أن يتأمل هذه الحقائق بإخلاص، وإنصاف، وأن يصدر حكمه بعد ذلك على مذهبه، وعلى نسبته إليه ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2623

    التحميل:

  • الإبداع في كمال الشرع وخطر الابتداع

    الإبداع في كمال الشرع وخطر الابتداع: رسالة قيمة تبين أن كل من ابتدع شريعة في دين الله ولو بقصد حسن فإن بدعته هذه مع كونها ضلالة تعتبر طعنا في دين الله - عز وجل -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2051

    التحميل:

  • فضائل الكلمات الأربع

    فضائل الكلمات الأربع: رسالةٌ في فضل الكلمات الأربع: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)، مُستلَّةٌ من كتاب المؤلف - حفظه الله -: «فقه الأدعية والأذكار».

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316776

    التحميل:

  • تذكرة الصوَّام بشيء من فضائل الصيام والقيام وما يتعلق بهما من أحكام

    تذكرة الصوَّام بشيء من فضائل الصيام والقيام وما يتعلق بهما من أحكام: قال المؤلف: «فهذه تذكرةٌ مُوجَزة بشيءٍ من فضائل الصِّيام والقِيام، وما يتيسَّر ممَّا يتعلَّق بهما من أحكام، جمعتُها لنفسي من كتب مشايخي، ومَنْ سَلَف من أهل العلم - جزاهم الله خيرًا، وضاعَف مَثُوبَتهم - وأحبَبتُ أن ينتَفِع بها مَن شاء الله من إخواني المسلِمين؛ تبليغًا للعلم، وقيامًا بواجب النصيحة، وسمَّيتها: «تذكرة الصُّوَّام بشيءٍ من فضائل الصِّيام والقِيام وما يتعلَّق بهما من أحكام».

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330342

    التحميل:

  • أجوبة الأسئلة التشكيكية الموجهة من قبل إحدى المؤسسات التبشيرية العاملة تحت تنظيم الآباء

    هذا الكتاب يتضمن أجوبة على أسئلة وجهت إلى الأمانة العامة للمجلس القاري لمساجد أوروبا من إحدى المؤسسات التبشيرية العاملة تحت تنظيم "الآباء البيض"، ثم وجهها الأمانة العامة إلى المؤلف ليعتني بجوابها ويفند شبهها. وقد قدم المؤلف لكتابه بتمهيد فيه مقدمة عامة حول مفاهيم إسلامية لا بد من بيانها ثم شرح مفهوم الحرية والمساواة في الإسلام إذ الأسئلة تتعلق بها. وبعد ذلك، شرع في الجواب على الأسئلة واحدة تلو الأخرى وبين وجه الحق فيها. إن هذا الكتاب وإن كان صغيرًا في حجمه إلا أنه يتصدى بجدارة لكل محاولات التشكيك، ويقف في وجه الشبهات ويفندها حتى من مصادرهم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/314831

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة